ليس كل الوزراء علي شاكلة واحدة.. وليسوا كلهم علي قدرات فكرية وعقلية واحدة.. وليسوا جمعياً يعرفون المفهوم الحقيقي لعمل الوزير كسياسي أولاً.
هناك وزير لا تفرق معه أن يبقي في كرسي الوزارة أو يرحل.. لأنه كان شيئاً قبل أن يتولي الوزارة.. وعلي الأقل سيكون هذا الشيء بعد أن يغادر الكرسي. وهو يستمد قيمته وقوته من هذا الشيء الذي بداخله.. وليس من القرار الذي أصدره رئيس الجمهورية بتعيينه وزيراً.
وهناك وزير «حلنجي» يلعب بالبيضة والثلاث ورقات.. ويدعي الفهم في كل شيء.. بينما الشيء الوحيد الذي كان عليه أن يفهم فيه ويهتم به وهو عمله الوزاري لا يفهم فيه شيئاً. وهذا الوزير الغرور يركبه بعد قليل ويخسر الجميع.
وهناك الوزير.. الذي يحاول أن يجتهد.. يتحرك كثيراً مثل النمل الفارسي.. ويدلي بتصريحات.. الكثير منها متناقض.. فهذا ليس هو المهم.. بل المهم هو التواجد علي الساحة.. وهو لا يختلف عن «بهلول» في المولد.
ثم هناك الوزير ذو الكفاءة العالية.. لكنه لا يثق في نفسه.. أو أنه من عشاق السلطة والجاه والسطان.. ومن ثم يضع كفاءته وخبرته وعلمه في خدمة السلطان.. وهو يرضي بأي شيء طالما أن الحاكم يرضي عنه.. وهذا النموذج من أسوأ الوزراء.. لأنه يعرف ماذا يفعل.. ودوره لا يختلف عن الشيطان الذي يوسوس للحاكم كل الأفكار الشريرة والسيئة.. حتي ولو كانت نوايا الحاكم صادقة وطيبة.. لكن الوزير الشيطان لا يتركه في حاله.. ويستخدم كل حيله وألاعيبه في إقناع الحاكم بأن هذا لمصلحته ولمصلحة نظام الحكم.
ودائماً هناك وزير بركة.. طيب القلب.. ليس أكثر من «فسوخة».
وإلي جانبه الوزير الشرير.. الذي يحاول أن يلعب دور البعبع.. مستغلاً في ذلك سلطته وسطوته وكرسيه.. وعندما يترك كرسي الوزارة يتحول من أسد إلي فأر.. يخاف الناس ويبتعد عنهم.. لأنه يعتقد أن كل الناس من نفس عينته الشريرة.. يمكن أن يؤذوه.. وهو بلا حماية وبلا غطاء.
ثم قل عن الوزراء ما تشاء عن ذمتهم المالية.. الوزير الشريف الضعيف.. نظيف اليد واللسان.. وهناك الوزير الذي يتسع ضميره وكرشه لنهب «مال النبي» والمسائل لكي تكتب بالأسماء فهي تحتاج إلي توثيق وإلي تحليل لطبيعة نظام الحكم الذي سمح بوجود هؤلاء وهؤلاء.. والحساب والمساءلة ليسا علي قدر الطهارة والعفة.. وإنما لاعتبارات أخري أهمها الولاء والحاشية وأشياء أخري.