افتتاح ما هو مفتتح

ياه كم مرة شاهدت الرئيس محمد حسني مبارك يفتتح الدورة البرلمانية.. والدورة الأفريقية والدورة العربية والدورة الدموية لو أراد!

الرئيس مبارك يحكم مصر منذ كنت في سنة أولي ثانوي وتولي الرئاسة في أول يوم في حياتي أحلق فيه ذقني، ونجحت في الثانوية وطلعت الأول علي محافظة المنوفية أدبي ودخلت كلية الإعلام وتخرجت وعملت صحفيا عشر سنوات ثم ترأست تحرير جريدة الدستور ثم أغلقها النظام بعد عامين ثم تعطلت وتبطلت ثماني سنوات ثم تزوجت وأنجبت وعملت مقدماً لبرامج ثم عدت رئيسا لتحرير الدستور وأوشكت علي السجن ثلاث مرات ودخل طفلي المدرسة ولا يزال الرئيس يترأس ويفتتح الدورة البرلمانية.. هل هناك مثيل لهذا في أي بلد في العالم سوي مصر؟.

نعم هناك مثيل.. في كوبا وليبيا وزيمبابوي!

أما السيد صفوت الشريف الذي يجلس علي المنصة في افتتاح الدورة البرلمانية بجانب الرئيس فهو وزير الدولة للإعلام منذ كنت في الشهادة الإعدادية (المجد الذي أفخر به في الإعدادية أنني حصلت علي 95% و60 من 60 في الرياضيات) وها هو الزمن يمر في كل مكان إلا عندنا حيث يمر علي الزمن الرئيس ورجاله، فالسيد صفوت الشريف باقٍ في سؤدد السلطة وسلطة السؤدد (لولم تكن تعرف معني السؤدد فلا تبتئس هو حاجة حلوة عموما).

ثم هناك في افتتاح الدورة البرلمانية الرئيس المفتتح، رئيس مجلس الشعب محمد فتحي سرور (لايق عليه اكتر اسم محمد فتحي سرور!) فهو وزير منذ كنت في تانية جامعة (شباب فعلا هذا الرجل!) وعاصرته وهو يعصر عصرنا عصرا بقوانين تخدم السلطة وتضع الشعب كله تحت أقدام كرسي السيد الرئيس، هذا ما يفعله دكتور سرور منذ تسعة عشر عاما (وما أدراك ما سقر لا تبقي ولا تذر لواحة للبشر عليها تسعة عشر).

هل معني ذلك أنني أدعو لتغييرهم؟

أعوذ بالله.. إطلاقا

فإذا كان التغيير بنفس الطريقة التي تحدث طيلة حياتنا المباركة مع الرئيس مبارك فبقاؤهم أرحم بنا وبالوطن، وإذا كان تغيير الرئيس حسني مبارك معناه قدوم الرئيس جمال مبارك فالأب أحسن وأطيب وأفضل مليون مرة، علي الأقل الرئيس مبارك شئنا أو أبينا بطل من أبطال حرب أكتوبر، بينما جمال مبارك بطل من أبطال حرب الفراولة، حين صارت الفراولة أهم من القطن خصوصا لو زرع الفراولة خبراء إسرائيليون ممن يعمل معهم ويحبهم رجال الأعمال من أصدقاء الابن ونجباء النجل!

أن يأتي التغيير برحيل فتحي سرور ثم مجيء أي سرور آخر من بطانة الرئيس ومداحيه وترزية القوانين فلا مبرر ولا ضرورة للتغيير، وإذا كان تغيير صفوت الشريف علي طريقة جلب أي فقي مكانه فهذه مصيبة وليست تغييرا ويبقي صفوت الشريف نعمة من عند ربنا ندعو الله ألا تزول.

أسوأ من الجمود الذي نعيشه أن يحدث تغيير كاذب، تغيير وهمي، مهمته الضحك علي الناس والنصب علي المشاعر وتحميل عساكر الشطرنج كل أخطاء ملك الشطرنج!

أي تغيير لا يأتي بأيدي الناس وعبر إرادة الجماهير وبأصوات المواطنين هو مجرد تغيير لأبطال مسرحية دون تعديلات في النص ولا الإخراج وبقاء خشبة المسرح كما هي بنفس الديكور وذات المناظر!

مصر تحتاج تغييرا جذريا عميقا عريضا طويلا.. لأ مفيش داعي يكون طويلاً أحسن يجيبوا لنا أحمد نظيف تاني!!