القاهرة- أصدرت المنظمة المصرية لحقوق الإنسان الخميس تقريرا بعنوان "مصر...الاختناق الاقتصادي يفجر أحداث المحلة" الذي يتناول بالرصد والتوثيق نتائج بعثة تقصي الحقائق التابعة للمنظمة والتي أوفدتها إلى مدينة المحلة.
كما يتضمن التقرير خلفية عن ما شهدته محافظات مصر يوم 6 أبريل ، وتحليلاً موسعاً لأسباب ودوافع تصاعد الأحداث في المحلة ، والنتائج التي توصلت إليها بعثة تقصي الحقائق ، وينتهي التقرير بجملة من التوصيات.
ويستهل التقرير مقدمته بالضمانات الدستورية والقانونية التي كفلت حق الإضراب والتظاهر السلمي، وحملة الاعتقالات التي شهدتها محافظات مصر يوم 6 أبريل.
احراق سيارة واشتباكات عنيفة بين الامن والمواطنين(خاص - القاهرة اليوم)ويؤكد التقرير أن الصورة كانت أكثر قسوة في مدينة المحلة التي كانت محور الأحداث ، حيث شهدت موجة غضب شعبي عارمة ، وقد تعاملت قوات الأمن بقسوة مع المتظاهرين مستخدمة القنابل المسيلة للدموع، فضلاً عن عمليات الاعتقال العشوائي والاحتجاز التعسفي لعدد كبير من المواطنين بلغ حوالي 257 مواطن وأخلي سبيل من هو حدث.
كل ذلك دفع المواطنين إلى رد الفعل على النحو الذي كشفت عنه الأحداث ، مما أدى إلى إصابة العديد من المواطنين بل وذهب ضحية التصاعد من جانب قوات الأمن أحمد حسين أبو العزم (20 عاماً) و الطفل أحمد علي مبروك (15 عامًا ).
أسباب اقتصاديةوأعزى التقرير أسباب ودوافع تصاعد موجة الغضب الشعبي في مدينة المحلة إلى أسباب اقتصادية بالأساس، حيث سوء الأحوال المعيشية، وارتفاع مستوى الأسعار مقابل تدني مستويات الأجور ، وارتفاع معدلات البطالة والفقر.
وذكر التقرير أن هناك أكثر من 5 ملايين عاطل خاصة من خريجي الجامعات والمعاهد العليا والمتوسطة، فطبقاً للأرقام الرسمية فإن عدد العاطلين في مصر زاد من 112 ألفاً و535 عاطلاً عام 1950 ليصل إلى 5 ملايين عاطل في بداية العام الحالي، أي أن عدد العاطلين زاد بنسبة 4000% خلال الـ 54 عاما الأخيرة.
أما بالنسبة للفقر ، فتشير تقارير البنك الدولي إلى أن أكثر من 60% من المصريين يعيشون على أقل من دولارين ، ونحو 25% يعيشون تحت خط الفقر.
يضاف إلى ذلك النتائج العكسية المترتبة على عمليات الخصخصة، بدءاً من مشكلة سعر الصرف والانخفاض المتوالي لقيمة الجنيه المصري أمام الدولار والعملات الأجنبية الأخرى، مروراً باستمرار انخفاض معدل الادخار المحلي، وزيادة العجز في الموازنة العامة بصورة مطردة، وارتفاع الدين المحلي لأرقام فلكية تهدد الاقتصاد الوطني، وانتهاء بالارتفاع المستمر في أسعار معظم السلع وخاصة السلع الأساسية، مثل المواد الغذائية والتموينية.
غياب الديمقراطية واحتكار السلطةويضاف إلى الدوافع الاقتصادية ، غياب الديمقراطية واحتكار السلطة ، وتراجع عملية الإصلاح السياسي والاقتصادي.واحتكار السلطة يعني التخلي عن مبدأ التداول السلمي للسلطة، وتقييد حرية وحركة الأحزاب والقوى السياسية المختلفة وكذلك مؤسسات المجتمع المدني.
وقمع الحريات العامة، ودفع الشعب إلي التخلي عن المشاركة السياسية، وتزوير الانتخابات التشريعية، وهيمنة السلطة التنفيذية على باقي السلطات ، وغياب الرقابة الشعبية ، بل واختفاء دولة القانون والمؤسسات لتحل محلها السلطة المطلقة للأفراد ، ومن بين العوامل السياسية الأخرى استمرار فرض حالة الطوارىء لدرجة أن قانون الطوارىء رقم 162 لسنة 1958 قد أضحى بمثابة الدستور الحقيقي للبلاد .
توصياتوفي نهاية تقريرها ، تؤكد المنظمة المصرية أن التوجهات الأمنية بالتصدي للتظاهر السلمي وحملة الاعتقالات مؤشر خطير على الحق في التجمع السلمي وحرية الرأي والتعبير والحرية والأمان الشخصي المكفولة بمقتضى الدستور والمواثيق الدولية المعنية بحقوق الإنسان.
وفي ذات الوقت تؤكد المنظمة أن تصاعد الأحداث في مدينة المحلة يكشف عن عمق الأزمة الاقتصادية بالبلاد وحالة الاحتقان التي يشهدها المجتمع المصري ، وعليه تطالب المنظمة بحملة من التوصيات من بينها إلغاء قانون (10 ) لسنة 1914 والقانون رقم ( 14 ) لسنة 1923 واستبدالهما بقانون آخر لتنظيم حق التظاهر وفق المعايير الدستورية والدولية، وكذلك العمل على تنقيح البنية التشريعية المصرية بما يتفق مع الدستور المصري و المواثيق الدولية المعنية بحقوق الإنسان.
شاهد تقريرا عن المصادمات العنيفة مع قوات الامن في المحلة (خاص - الجزيرة)تخويل الحق لأي مجموعة أو منظمة أو حزب في التظاهر و ذلك وفقا للقواعد المتعارف عليها وهي :على الجهة الراغبة في التظاهر أن تقوم بتقديم إخطار للجهات الأمنية يتضمن خط سير المظاهرة و نقطة البداية و نقطة النهاية وتوقيت المظاهرة و ذلك لكي تتخذ الأجهزة الأمنية التدابير اللازمة لحماية المظاهرة. والسماح للمتظاهرين برفع اللافتات و الشعارات و لقاء الصحفيين و ممثلي وكالات الأنباء.
واتخاذ جميع الخطوات اللازمة للتحقق من عدم منع الأشخاص في مصر من ممارسة حقهم في التجمع السلمي، وحمايتهم من الاعتداء والاعتقال التعسفي على أيدي قوات الأمن بسبب سعيهم لممارسة هذا الحق الذي يكفله الدستور المصري والعهود و المواثيق الدولية.
وضمان تلقي الشرطة و قوات الأمن المصرية التدريب المهني المناسب للنهوض بمسؤولياتهم الأمنية، بما في ذلك المعايير الدولية لتنفيذ القوانين الواردة في مدونة الأمم المتحدة لسلوك الموظفين المكلفين بإنفاذ القانون، ومبادئ الأمم المتحدة الأساسية بشأن استخدام القوة والأسلحة النارية.
وضرورة إصدار وزارة الداخلية تعليمات واضحة و مشددة لقوات الأمن التي تتعامل مع المظاهرات بعدم استخدام القوة في فض المظاهرات و بالتحديد استخدام الهراوات و العصي المكهربة أو إطلاق الرصاص سواء الحي أو المطاطي أو الرش. وكذلك التحقيق الفوري في التجاوزات التي قامت بها قوات الأمن ضد المتظاهرين و إحالة المتسببين في تلك التجاوزات إلى المحاكمة.
وطالبت بوقف الارتفاع المتوالي للأسعار ولاسيما للسلع الغذائية والتموينية ، ووقف التدهور المتواصل في سعر صرف الجنيه المصري والذي أدى وسيؤدي إلى ارتفاع كبير في المستوى العام للأسعار، أي إلى التضخم وتآكل الدخول الحقيقية للمواطنين ولاسيما من ذوي الدخول المحدودة والمتوسطة.
ورفع الحد الأدنى للأجور والمرتبات وربطها بالأسعار، والضغط من أجل خطة جادة وحقيقية للقضاء على الفقر أو تخفيض حدته، وللحد من الفوارق بين الطبقات في توزيع الدخل والثروات.
وإدخال تعديلات على قانون العمل الموحد رقم 12 لسنة 2003 بما يحقق التوازن بين مصالح العمال وأصحاب الأعمال مع مراعاة مستويات الدخل ومعيشة المواطنين، وإطلاق حرية تشكيل المنظمات العمالية النقابية والروابط والمنظمات الأهلية التي تنظم وتدافع وترعى مصالح الفئة العاملة.
المصدر: الشبكة العربية لمعلومات حقوق الانسان